اهلا وسهلا بكم فى منتدى شمس المعرفة و كل عام وانتم بخير بحلول شهر رمضان المعظم
آخر عُضو مُسجل هو tatto فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 261 مساهمة في هذا المنتدى في 233 موضوع
لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 20 بتاريخ الثلاثاء أغسطس 02, 2011 12:21 am
المواضيع الأخيرة
بحـث
دخول
المواضيع الأكثر نشاطاً
المواضيع الأكثر شعبية
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 17 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو tatto فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 261 مساهمة في هذا المنتدى في 233 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 20 بتاريخ الثلاثاء أغسطس 02, 2011 12:21 am
لوحة الشرف
سحابة الكلمات الدلالية
أهمية الدعاء ومكانته في الحياة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أهمية الدعاء ومكانته في الحياة
أهمية الدعاء ومكانته في الحياة
المبحث الأول: افتقار العباد وحاجتهم إلى ربهم
جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع مضارهم، في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: {يا أيها النَّاسُ أنتُمُ الفُقراءُ إلى اللهِ واللهُ هوَ الغنيُّ الحَميدُ}( ). ومما يوضح ذلك ويبينه حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: ”يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه“( ).
وهذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم، وأن العباد لا يملكون لأنفسهم شيئاً من ذلك كله، وأن من لم يتفضل الله عليه بالهدى والرزق، فإنه يحرمها في الدنيا، ومن لم يتفضل الله عليه بمغفرة ذنوبه أوْبَقَتْه خطاياه في الآخرة( ).
المبحث الثاني: أهم ما يسأل العبد ربه
العبد يسأل ربه كل شيء يحتاجه في أمر دينه ودنياه، لأن الخزائن كلها بيده سبحانه وتعالى، قال سبحانه: {وإنْ من شيءٍ إلا عندَنا خزآئِنُهُ وما نُنَزِّلهُ إلا بقدَرٍ مَّعلومٍ}( ). وهو سبحانه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ“( ). أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه وإنما ينفعه الإيمان والطاعة( ).
والله تعالى يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم، من المطاعم والمشارب، كما يسألونه الهداية، والمغفرة، والعفو والعافية( ) في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {وسئَلُواْ اللهَ من فضلِهِ إنَّ اللهَ كانَ بكلِّ شيءٍ عليماً}( ). وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يُسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج“( ). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ليسأل أحدكم ربَّه حاجتهُ كلَّها حتى يسأل شِسْعَ نعْلِهِ إذا انقطع“( ).
ولكن العبد يهتم اهتماماً عظيماً بالأمور المهمة العظيمة التي فيها السعادة الحقيقية ومن أهم ذلك ما يأتي:
1 ـ سؤال الله الهداية، لقوله تعالى: {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا}( ). والهداية نوعان: هداية مجملة، وهي الهداية للإيمان والإسلام وهي حاصلة للمؤمن، وهداية مفصلة، وهي هدايته إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام، وإعانته على فعل ذلك، وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلاً ونهاراً، ولهذا أمر الله عباده أن يقرأوا في كل ركعة من صلاتهم قوله تعالى: {إيَّاكَ نعبُدُ وإيَّاكَ نستَعينُ}( ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه الذي يستفتح به صلاته بالليل: ”... اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم“( ). وأوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يقول دبر كل صلاة: ”اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك“( ). ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في استفتاح صلاة الليل: ”... اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت“( ). وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يسأل الله الهُدى والسداد: ”اللهم إني أسألك الهُدى والسداد“( ). وعلم الحسن بن علي رضي الله عنهما أن يقول في قنوت الوتر: ”اللهم اهدني فيمن هديت“( ).
2 ـ سؤال الله مغفرة الذنوب، لأن من أهم ما يسأل العبد ربه مغفرة ذنوبه أو ما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ودخول الجنة( ).
والعبد محتاج إلى الاستغفار من الذنوب، وطلب مغفرة ذنوبه من الله تعالى، لأنه يخطئ بالليل والنهار، والله يغفر الذنوب جميعاً، ولعظم هذا الأمر قال عليه الصلاة والسلام: ”يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة“( ). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن كنَّا لنعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة يقول: ”ربِّ اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التوابُ الرحيم“( ). ولفظ الترمذي ورواية عند الإمام أحمد: ”رب اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الغفور“( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ”من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له وإن كان فرَّ من الزحف“( ).
والله عز وجل يقول: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}( ). وقال: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}( ). وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عَنَانَ السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة“( ).
وكثيراً ما يُقْرَنُ الاستغفار بذكر التوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح، وقد وعد الله في سورة آل عمران( ) بالمغفرة لمن استغفر من ذنوبه ولم يصر على ما فعله فتحمل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا المقيد، وأما استغفار اللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة( )، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول( ) ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون“( ).
وإن قال أستغفر الله وأتوب إليه فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يقول ذلك وهو مصر بقلبه على المعصية فهذا كاذب في قوله: وأتوب إليه، لأنه غير تائب، فهو يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب.
والثانية: أن يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه، ويسأله توبة نصوحاً ويعاهد ربه على أن لا يعود إلى المعصية، فإن العزم على ذلك واجب عليه فقوله ”وأتوب إليه“ يخبر بما عزم عليه في الحال( ).
3 ـ سؤال الله الجنة والاستعاذة به من النار، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ: ”ما تقول في الصلاة“؟ قال: أتشهد ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار. أما والله ما أحسن دندنتك، ولا دندنة مُعاذ. فقال: ”حولها ندندنُ“( ) يعني حول سؤال الجنة والنجاة من النار. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهم أجره من النار“( ).
وعن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتَيْتُهُ بِوَضُوئهِ وحاجته فقال لي: ”سَلْ“ فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: ”أو غير ذلك“؟ قلت: هو ذاك. قال: ”فأعني على نفسك بكثرة السجود“( ). وهذا يدل على كمال عقل ربيعة رضي الله عنه ورغبة في أعظم المطالب العالية الباقية وقد دله صلى الله عليه وسلم على كثرة السجود، لحديث ثوبان أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال: بأحب الأعمال إلى الله فقال: ”عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة“( ).
4 ـ سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، لحديث العباس ابن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله ؟ قال: ”سل الله العافية“ فمكثت أياماً ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله ؟ فقال لي: ”يا عباسُ، يا عمَّ رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة“( ).
ولحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال على المنبر: ”سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية“( ).
5 ـ سؤال الله تعالى الثبات على دينه وحسن العاقبة في الأمور كلها، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إنَّ قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرِّفه حيث شاء" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”اللهم مصرف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك“( ). وحديث أم سلمة رضي الله عنها عندما سُئِلت عن أكثر دعائه إذا كان عندها قالت: كان أكثر دعائه: ”يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك“. قالت: قلت: يا رسول الله مالِ أكثر دعائك: ”يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك“؟ قال: ”يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ“( ). ولحديث بسر بن أرطأة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: ”اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة“( ).
6 ـ سؤال الله تعالى دوام النعمة والاستعاذة به من زوالها، وأعظم النعم نعمة الدين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر“( ). وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك“( ).
7 ـ الاستعاذة بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ”كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهد البلاء“( ).
وهذه نماذج من أهم المطالب التي ينبغي للعبد أن لا يُغْفِلها، وعليه ألا يغفل الدعاء بالصلاح له ولذريته ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المبحث الأول: افتقار العباد وحاجتهم إلى ربهم
جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع مضارهم، في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: {يا أيها النَّاسُ أنتُمُ الفُقراءُ إلى اللهِ واللهُ هوَ الغنيُّ الحَميدُ}( ). ومما يوضح ذلك ويبينه حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: ”يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه“( ).
وهذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم، وأن العباد لا يملكون لأنفسهم شيئاً من ذلك كله، وأن من لم يتفضل الله عليه بالهدى والرزق، فإنه يحرمها في الدنيا، ومن لم يتفضل الله عليه بمغفرة ذنوبه أوْبَقَتْه خطاياه في الآخرة( ).
المبحث الثاني: أهم ما يسأل العبد ربه
العبد يسأل ربه كل شيء يحتاجه في أمر دينه ودنياه، لأن الخزائن كلها بيده سبحانه وتعالى، قال سبحانه: {وإنْ من شيءٍ إلا عندَنا خزآئِنُهُ وما نُنَزِّلهُ إلا بقدَرٍ مَّعلومٍ}( ). وهو سبحانه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ“( ). أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه وإنما ينفعه الإيمان والطاعة( ).
والله تعالى يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم، من المطاعم والمشارب، كما يسألونه الهداية، والمغفرة، والعفو والعافية( ) في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {وسئَلُواْ اللهَ من فضلِهِ إنَّ اللهَ كانَ بكلِّ شيءٍ عليماً}( ). وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يُسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج“( ). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”ليسأل أحدكم ربَّه حاجتهُ كلَّها حتى يسأل شِسْعَ نعْلِهِ إذا انقطع“( ).
ولكن العبد يهتم اهتماماً عظيماً بالأمور المهمة العظيمة التي فيها السعادة الحقيقية ومن أهم ذلك ما يأتي:
1 ـ سؤال الله الهداية، لقوله تعالى: {مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا}( ). والهداية نوعان: هداية مجملة، وهي الهداية للإيمان والإسلام وهي حاصلة للمؤمن، وهداية مفصلة، وهي هدايته إلى معرفة تفاصيل أجزاء الإيمان والإسلام، وإعانته على فعل ذلك، وهذا يحتاج إليه كل مؤمن ليلاً ونهاراً، ولهذا أمر الله عباده أن يقرأوا في كل ركعة من صلاتهم قوله تعالى: {إيَّاكَ نعبُدُ وإيَّاكَ نستَعينُ}( ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه الذي يستفتح به صلاته بالليل: ”... اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم“( ). وأوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يقول دبر كل صلاة: ”اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك“( ). ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في استفتاح صلاة الليل: ”... اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت“( ). وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يسأل الله الهُدى والسداد: ”اللهم إني أسألك الهُدى والسداد“( ). وعلم الحسن بن علي رضي الله عنهما أن يقول في قنوت الوتر: ”اللهم اهدني فيمن هديت“( ).
2 ـ سؤال الله مغفرة الذنوب، لأن من أهم ما يسأل العبد ربه مغفرة ذنوبه أو ما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ودخول الجنة( ).
والعبد محتاج إلى الاستغفار من الذنوب، وطلب مغفرة ذنوبه من الله تعالى، لأنه يخطئ بالليل والنهار، والله يغفر الذنوب جميعاً، ولعظم هذا الأمر قال عليه الصلاة والسلام: ”يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة“( ). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن كنَّا لنعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة يقول: ”ربِّ اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التوابُ الرحيم“( ). ولفظ الترمذي ورواية عند الإمام أحمد: ”رب اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الغفور“( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ”من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر الله له وإن كان فرَّ من الزحف“( ).
والله عز وجل يقول: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}( ). وقال: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}( ). وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عَنَانَ السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة“( ).
وكثيراً ما يُقْرَنُ الاستغفار بذكر التوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح، وقد وعد الله في سورة آل عمران( ) بالمغفرة لمن استغفر من ذنوبه ولم يصر على ما فعله فتحمل النصوص المطلقة في الاستغفار كلها على هذا المقيد، وأما استغفار اللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة( )، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول( ) ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون“( ).
وإن قال أستغفر الله وأتوب إليه فله حالتان:
الحالة الأولى: أن يقول ذلك وهو مصر بقلبه على المعصية فهذا كاذب في قوله: وأتوب إليه، لأنه غير تائب، فهو يخبر عن نفسه بأنه تائب وهو غير تائب.
والثانية: أن يكون مقلعاً عن المعصية بقلبه، ويسأله توبة نصوحاً ويعاهد ربه على أن لا يعود إلى المعصية، فإن العزم على ذلك واجب عليه فقوله ”وأتوب إليه“ يخبر بما عزم عليه في الحال( ).
3 ـ سؤال الله الجنة والاستعاذة به من النار، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ: ”ما تقول في الصلاة“؟ قال: أتشهد ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار. أما والله ما أحسن دندنتك، ولا دندنة مُعاذ. فقال: ”حولها ندندنُ“( ) يعني حول سؤال الجنة والنجاة من النار. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهم أجره من النار“( ).
وعن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتَيْتُهُ بِوَضُوئهِ وحاجته فقال لي: ”سَلْ“ فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال: ”أو غير ذلك“؟ قلت: هو ذاك. قال: ”فأعني على نفسك بكثرة السجود“( ). وهذا يدل على كمال عقل ربيعة رضي الله عنه ورغبة في أعظم المطالب العالية الباقية وقد دله صلى الله عليه وسلم على كثرة السجود، لحديث ثوبان أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال: بأحب الأعمال إلى الله فقال: ”عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة“( ).
4 ـ سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، لحديث العباس ابن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله ؟ قال: ”سل الله العافية“ فمكثت أياماً ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله ؟ فقال لي: ”يا عباسُ، يا عمَّ رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة“( ).
ولحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال على المنبر: ”سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية“( ).
5 ـ سؤال الله تعالى الثبات على دينه وحسن العاقبة في الأمور كلها، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إنَّ قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرِّفه حيث شاء" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”اللهم مصرف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك“( ). وحديث أم سلمة رضي الله عنها عندما سُئِلت عن أكثر دعائه إذا كان عندها قالت: كان أكثر دعائه: ”يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك“. قالت: قلت: يا رسول الله مالِ أكثر دعائك: ”يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك“؟ قال: ”يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ“( ). ولحديث بسر بن أرطأة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: ”اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة“( ).
6 ـ سؤال الله تعالى دوام النعمة والاستعاذة به من زوالها، وأعظم النعم نعمة الدين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر“( ). وعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك“( ).
7 ـ الاستعاذة بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء، وسوء القضاء وشماتة الأعداء، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ”كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهد البلاء“( ).
وهذه نماذج من أهم المطالب التي ينبغي للعبد أن لا يُغْفِلها، وعليه ألا يغفل الدعاء بالصلاح له ولذريته ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
moon- عدد المساهمات : 13
نقاط : 31
تاريخ التسجيل : 06/08/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أغسطس 20, 2011 1:40 pm من طرف moon
» وصايا الحبيب قبل وفاته
الأربعاء أغسطس 17, 2011 10:40 pm من طرف الروضه الشريفه
» أدعية تقال عند الوضوء
الإثنين أغسطس 15, 2011 12:40 pm من طرف Admin
» رؤية ليلة القدر
الإثنين أغسطس 15, 2011 12:19 pm من طرف samo
» العلاج بالطاقة واصوله في القرآن و السنة
الإثنين أغسطس 15, 2011 12:17 pm من طرف samo
» اليسع عليه السلام
الأحد أغسطس 14, 2011 3:52 pm من طرف moon
» هكذا كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
الأحد أغسطس 14, 2011 3:49 pm من طرف moon
» كيف تتغلب على قصر النفس أثناء التلاوة
الأحد أغسطس 14, 2011 3:47 pm من طرف moon
» صفة الصلاة على الميت
الأحد أغسطس 14, 2011 3:43 pm من طرف moon